القواعد السلوكية والأخلاقية بالمؤسسات التعليمية
- 14 ديسمبر 2025 |
- نشر فى آخر الأخبار |
- كتبه ريهام سمير
تمثل دعوة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى ترسيخ الانضباط وإرساء القيم الأخلاقية والسلوكية داخل المؤسسات التعليمية رؤية وطنية عميقة تستهدف بناء جيل واعٍ، قادر على مواجهة تحديات المستقبل بعقل منظم وسلوك مسؤول. فهي دعوة تتجاوز الإطار التعليمي التقليدي، لتؤكد أن بناء الإنسان يبدأ من غرس القيم قبل اكتساب المعارف.
فالمدارس والجامعات لا تقتصر رسالتها على نقل العلوم والمعارف فحسب، بل تُعد بيئات حاضنة لتشكيل الشخصية الوطنية المتكاملة، علميًا وأخلاقيًا. ومن هنا تبرز أهمية تحويل هذه الدعوة الرئاسية إلى خطوات عملية واضحة، تُترجم الرؤية إلى واقع ملموس داخل الحرم التعليمي.
إن تحقيق هذا الهدف يتطلب تكاتفًا مجتمعيًا حقيقيًا يبدأ من داخل المؤسسات التعليمية نفسها، حيث تُصاغ العقول وتُبنى منظومة القيم. فالانضباط السلوكي ليس مجرد التزام حرفي بالقوانين واللوائح، بل هو ثقافة تُغرس في النفوس، وتسهم في إعداد جيل قادر على تحمّل المسؤولية وقيادة الوطن نحو مستقبل أكثر استقرارًا وتقدمًا.
ولتحقيق ذلك، تبرز أهمية إشراك الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والإداريين في صياغة لوائح سلوكية حديثة، تعكس روح الانضباط والمسؤولية، وتعزز قيم الانتماء والولاء للوطن. كما تلعب الأنشطة الثقافية والندوات التوعوية دورًا محوريًا في ترسيخ السلوك القويم، من خلال إبراز أهمية احترام القيم المجتمعية والتقاليد الأصيلة.
وفي هذا السياق، يُعد إنشاء مراكز للدعم النفسي داخل الجامعات والمدارس خطوة ضرورية لمساندة الطلاب ومساعدتهم على تجاوز الضغوط النفسية التي قد تنعكس سلبًا على سلوكهم. كما أن تفعيل مفهوم العقوبات الإيجابية، مثل الحرمان المؤقت من بعض الأنشطة أو تكليف الطلاب بالمشاركة في أعمال تطوعية، إلى جانب تطبيق العقوبات التقليدية المتدرجة المنصوص عليها قانونًا والاعلان عنها كوسيلة للردع، يسهم في تحقيق الانضباط دون الإخلال بالبعد التربوي.
ولا يقل عن ذلك أهمية دور القدوة الحسنة، حيث يمثل التزام أعضاء هيئة التدريس والإداريين بالسلوك المنضبط نموذجًا عمليًا يُحتذى به أمام الطلاب، ويعزز من مصداقية الرسالة التربوية للمؤسسة التعليمية.
وفي المحصلة، فإن هذه المنظومة المتكاملة من القيم والإجراءات تسهم في بناء جيل منضبط، واعٍ، ومتمسك بالأخلاق، لتصبح الجامعات والمدارس مؤسسات للتعليم الأكاديمي والتربية الأخلاقية في آن واحد، وقاطرة حقيقية لبناء مستقبل الوطن.
د.ناصر الجيزاوي
رئيس جامعة بنها









